عودة أبو عص: (( العملية )) الجزء 4

العملية
الحلقة الرابعة من سلسلة عودة أبو عص

(( محاولة الأقناع الأولى ))

في شهر أبريل للعام 2009 قرر عقيل الذهاب للمستشفى والإلتقاء بالدكتور (( أحمد القرزعي )) وذلك لأخذ موعد لإجراء عملية (( ربط المعده ))
بعد ذهابه للمستشفى لم يجد عقيل الدكتور أحمد القرزعي ,, وإنما وجد دكتور آخر في عيادته وبرفقته دكتوره على ما يبدو أنها كانت في فترة التطبيق في تلك الفترة .

في البدايه أخذ الدكتور معلومات شامله عن عقيل (( عمره ,, وزنه ,, طوله ,, ما يعانيه من مشاكل صحيه )) بالأضافه الى معلومات اخرى .
وما هي الا لحظات حتى صدم الدكتور عقيل بإخباره بأنه لن تجرى له العمليه ,, الا إذا أقنعه عقيل بالاسباب التي تجبره على الخضوع للعمليه .

صمت عقيل والحزن يكسوه ,, وما زال لديه أمل با إجراء تلك العمليه ,, صمت وصمت حتى أخبره الدكتور إما أن يبداء الحديث أو إما أن يخرج من العياده لأنه يوجد العديد من المراجعين في الإنتظار .
تحدث عقيل بصوت المرتبك الخائف قائلاُ :
أنا بقولك يا دكتور ليه أبي أسوي العمليه ,, أول شيء أنا أعاني من الالام في الظهر وما أستطيع المشي أكثر من عشر دقائق متواصله ,, ثاني شيء أنا مو راضي عن نفسي وعن شكلي بسبب السمنه ,, ثالثاُ وأهم شيء أنا ثقتي بنفسي مهزوزه ومكسوره ,, يعني لما أروح أقدم على وظيفه يقبلوني قبول مبدئي ,, ولكن أنحرم من الوظايف بعد ما اسوي المقابله الشخصيه ,, لدرجة أن في احد المقابلات قال لي الشخص اللي سوا لي المقابله ما راح نقبلك بسبب وزنك ,, لأننا نبي واحد رشيق يخلص شغله بسرعه ,, أنقطعت عن العالم بسبب خوفي من الكلمات الجارحه ,, با أختصار يا دكتور أنا وصلت لقناعه أني ما راح أتطور وأنجح بحياتي دام أني ببقى سمين ,, ويا خوفي وزني يزيد ويتعدى ال 150 ك .غ أذا ماسويت العمليه

صمت رهيب كان يطبق على العياده أثناء حديث عقيل الذي كان موجه نظره للأرض طوال فترة حديثه .
بعد فراغه من الحديث ,, رفع عقيل عينه ووجهها با إتجاه الدكتور الذي قال للدكتورة التي تتواجد الى جانبه (( هاه وش رأيك باللي قاله ,, أقنعك والا ما أقنعك بكلامه ؟؟ ))
قالت الدكتورة والحزن يتضح في نبرة صوتها وفي عيناها المغروقتان بالدموع (( والله كسر خاطري وياليت نقدر نساعده ))
عندها قال الدكتور (( حتى أنا أقتنعت وخلاص راح نسوي لك العمليه ,, ولكن مو عملية ربط معده ,, راح نسوي لك عملية تحوير معده ,, أفضل وأحسن من الربط ))
كان موعد العمليه بعد ستة أشهر من ذلك التاريخ ,, وحددت بتاريخ (( 2009/10/24))
كان عقيل من أسعد الأشخاص في ذلك اليوم بسبب الموافقه على إجراء العمليه .

((محاولة الإقناع الثانيه))

رفض والدة عقيل ووالده أيضاُ خضوع عقيل للجراحه خوفاُ عليه ,, وطيلة فترة ستة أشهر كان عقيل يحاول أخذ موافقتهم لأنه لن يجري العمليه بدون أخذ الموافقه منهم .

اليوم هو الخميس ((2009/10/22)) أي قبل دخول عقيل للمستشفى بيوم واحد وقبل أجرائه للعمليه بيومين ,, وما زال والد ووالدة عقيل متمسكين برفضهم التام لخضوع عقيل لإجراء العمليه .
لن أخوض في الحديث عن ذلك الأمر الذي أزعج عقيل كثيراُ ,, ولم يجعله يشعر بطعم السعادة الا بعد موافقة والدة عقيل في مساء يوم الخميس ,, وموافقة والد عقيل في منتصف ليلة الجمعه ,, أي قبل دخوله للمستشفى بخمس ساعات .
نام عقيل ذلك اليوم وهو أسعد من أي مخلوق آخر .

(( نصيحه زعزعت الثقه ))

في تلك الغرفة التي يتواجد بها عقيل في المستشفى ,, كانت جميع الأمور تسير وفق المخطط له وبشكل ممتاز ,, ما عادا صوت الونات التي كان يطلقها المريض المتواجد في نفس غرفة عقيل .
دار بين عقيل وذلك المريض حديث كان سبب في بداية زعزعة الثقه لدى عقيل ,, لن أطيل وسا أترككم مع ذلك الحديث :
جابر : آآآآه ,, آآآآه ,, أنت جاي تسوي عمليه قص معده ؟؟
عقيل : لا أنا بسوي عملية تحوير مجرئ المعدة .
جابر : أنا سويت عملية قص معده قبل أسبوع وللحين أحس بالالام والأوجاع ,, تصدق أسبوع كامل ما أكلت شيئ ,, وراح أبقى شهر كامل على العصيرات والزبادي بس .
عقيل : الله يعين ,, طيب دامك مو قد العمليه ليه سويتها ؟؟
جابر : أنا ما سويتها بكيفي ,, أنا مجبور عليها ,, الدكاترة لقوا عندي فتق ولازم ينزل وزني عشان يقدرون يخيطون الفتق اللي عندي .
عقيل : الله يعينك ويشفيك .
جابر : نصيحه لا تسويها ياخوي ,, قبل أسبوع كان معاي هنا مريض سمين ومفروض يسوي نفس عمليتك ,, ولكنها هرب من المستشفى قبل العملية بساعات .
عقيل : والله خوفتني ياخوي ,, جاي متحمس وبعد كلامك مدري وش صار فيني .
جابر : أنا لو مكانك أهرب من المستشفى الحين ,, وبالنسبه لتنقيص الوزن تقدر تنزله بالرياضه او بالريجيم .
عقيل : ما نفعت الرياضه ولانفع الريجيم ,, تدري عاد ,, أنا ما راح اهرب وراح اسوي العمليه ,, أنا ما صدقت على الله يجي هاليوم .
جابر : براحتك ,, بس أنا حبيت أنصحك .

الى الآن ما زال يتذكر عقيل ونات وصيحات وتذمر رفيقه في الغرفه جابر .
مع مرور الوقت يزداد التوتر والخوف لدى عقيل ,, وتزيد الرغبه أكبر بالهرب مع أزدياد سماع ونات وصيحات جابر .

((العملية))

قبل العمليه بساعتين أتصل شقيق عقيل (( أبو راكان )) على شقيقه عقيل وأخبره بضرورة قيامه با اداء صلاة الأستخارة قبيل الدخول لغرفة العمليات ,, وقام بعد ذلك بإرسال دعاء الإسخارة لجهاز عقيل المحمول .

نهض عقيل من سريره ,, وفي داخله نية الهروب من المستشفى ,, ولكنه تردد ثم ذهب لدورة المياه(( تكرمون )) وتوضاء ,, وصلى الفجر ,, ثم أعقب صلاة الفجر بصلاة الإستخاره .
بعد أنتهائه من أداء الصلاة ,, شاهد عقيل ممرضين يقفون عند باب الغرفه وبرفقتهم السرير الذي سيحمله لغرفة العمليات .

نهض عقيل ووضع سجادة الصلاة على دولابه ,, لبس اللبس المخصص لإجراء العمليات ,, ودع صديقه جابر ,, تمدد على السرير ,, وطلب من الممرضين التحرك .
شعور غريب أنتاب عقيل دفعه للرغبه با اجراء العمليه ,, وكان سبب في تفائله وعدم خوفه من الذي سيحدث .

في غرفة العمليات وقبيل عملية التخدير بلحظات داعب عقيل الدكتور أحمد القزرعي بقوله :
(( يا دكتور أنا جوعااان ))
ورد عليه الدكتور ضاحكاُ (( طيب ,, لما نخلص العمليه أنا عازمك على الفطور ))
رد عليه عقيل (( لا والله الفطور علي ,, صح أنت راح تفتح بطني وتقص جزء من معدتي ؟؟ أنا سامح لك تقص جزء من الكبد حقي ,, وبعد العمليه نأكله أنا وياك برى المستشفى ))
ضحك الدكتور على حديث عقيل وقال (( ما شاء الله عليك تنكت وكأن ما عندك عملية بعد شووي ,, أنا بالعاده أصادف ناس يبكون من الخوف قبل العمليه ,, ولكن هذي من المرات القليله اللي أشوف فيها واحد ينكت قبل عمليته ))

ذلك الحديث كان آخر ما سمعه عقيل قبل أجراء العمليه .

وبحمدالله وفضله تم أجراء العمليه بنجاح ,, وما زال عقيل يتذكر صحوته الأولى في وقت الظهيره وكان يتواجد أمامه حينها شقيقه الأصغر حسين ,, وبرؤيته لشقيقه يتواجد بالقرب منه زاح الكثير من الألم الذي كان يتربص بعقيل .
ما جعل عقيل يشعر بالسعادة رغم الألم في ذلك اليوم اليوم هو تواجد والدته ووالدته وجميع أشقائه وشقيقاته في المستشفى ,, وكذلك تواجد أصدقائه الأوفياء .

ملاحظه : في مكالمة دارت بين عقيل وصديقه جابر الذي كان يشارك عقيل غرفة المستشفى ,, قال جابر لعقيل أنه سعيد لأنه أصبح رشيق الآن وأصبح يتحرك بحرية ,, وأضاف أنه أجبر شقيقه الأصغر على إجراء عملية تحوير مجرئ المعدة ,, وتم ذلك الأمر بعد خمس شهور من إجراء جابر لعملية قص المعدة ))
سبحان الله ,, كاد جابر أن يكون سبب في عدم خضوع وإجراء عقيل للعملية وذلك بترهيبه وإخافة عقيل ,, وبعدها بمدة كان سبب في إجراء شقيقه البدين للعملية.

لذلك نصيحه من عقيل لكم (( لا تهتموا بكلام الآخرين عن العملية ,, لأنهم قد يكونوا سبب في حرمانكم من أحلامكم وطموحاتكم ,, أذا كان التردد حاضراُ في قلوبكم أرجعوا الى الله وصلوا الأستخاره فأن فيها خيراُ عظيماُ لا يعلمه الا الله ))

ملاحظه : في تلك الأيام حدثت مع عقيل القصه التي كتبت عنها سابقاُ وكانت بعنوان (( ترضى أختك تكون ممرضه ))

قبل الوداع سأ تتركم مع بعض صور باقات الورد التي وصلت لعقيل بعد العملية :